أي إخوان . لا شك أن لكل بداية نهاية , وأن وراء كل فتنة حكاية , فكم زالت أمم بعد عزة وقوة , وكم قطعت أرحام بعد قرابة وأخوة , كل ذلك يوم أن دعا داعي الفتنة , وقرع بذلك ناقوس المحنة , فغاب عنها أهل الرزانة , وتحملت إثمها كل نفس جبانة , ظنت أن كل نصر لا يأتي إلا بالعتاب , مطبقة بذلك إن لم تكن ذئب أكلتك الذئاب , فأزهقت بذلك الأرواح , وسكنت بيوت القوم النياح , بعد أن كانت دار أمن وأفراح , ولو أنهم تدارك الأمر من البداية , وتركوا عنهم داعي العزة والغواية , فأسدلوا الأمر إلى أهله , واخذوا الأمر على مهله , لعاشت هذه الأمم بخير ونعمة , ولتجنبت بإذن الله ما أصابها من نغمة .
أي إخوان . لعلكم تدرون ما أعني , فلست بمن يشعر أو يهذي , فإني أراكم قد أجمعتم عليا كيدكم , وقد سبق لي أن عفوت عنكم وحذرتكم , فلعلكم أردتموه ردود , وحرب كلامية بلا حدود , تشهر فيها السيوف وترمق فيها الأنوف , أو قل تشهر فيها الأقلام , وتزاح بها الأوهام , إنها الحرب التي ليس فيها دم يراق , والتي عدتها المحبرة والأوراق , فمن كان أهل لهذه الحرب , فليتحمل ما فيها من كرب , فحلمي بكم قد احتار , وصبري الذي عهدتموه قد انهار , فنظروا بعد اليوم حرب فجار , فقد زالت الغمة وانكشف الستار , فنحن آل ردفان من اليمن , معروفون بردودنا عند الفتن , فسألوا عنا أهل صنعاء وعدن .
فمنتدانا إن لم تكن فيه عقول واعية, وأحلام تنبذ العنف ودواعيه , أو أنها موجودة , لكنها قليلة محدودة , آرائها مقموعة , وأصواتها غير مسموعة , فقراء على هذا المنتدى السلام , فان النهاية كما أسلفنا من الكلام , فضبطوا أنفسكم وحكموا عقولكم , وخذوا بنصحي واستشيروا من حولكم , فإني قد رايتكم مصرين على غيبتي , مستغلين بذلك صبري و طيبتي , أما وقد أردتموها ردود , فنحن لها أسود .
أي إخوان . لقد طالت الرسالة , حتى مالت عن القصد الذي عدت له والغاية , فإني قد عدلت عن الرد على أبي عمران , واكتفي بما سطرته حتى الآن , فلعلى لهجتي الشديدة , قد أعادت لأبي عمران حكمته الرشيدة , وامسك قلمي عن أي جرح , فاسحا للأخوة التدخل للصلح , فإننا أقوام لا نرضى بالقهر حتى يزاح , ولسنا ممن مزج جده بالمزاح , فنحن حين نشهر الأقلام , نقراء على من قصدناه بها السلام , وفي الأخير لا يسعنا إلا أن نصلي على خير الأنام , محمد بن عبد الله عليه أفضل الصلاة والسلام .